انعقدت الجلسة المتعلقة بالأزمة السورية وفرص تكرار
سيناريو البوسنة من طرف الجزيرة البلقان في اليوم الثاني من أعمال منتدي الجزيرة التاسع,
وشارك في الحوار السادة:
• الدكتور/ حارث سيلاديتش (Haris Siladdzic).
• االدكتور/ لؤي صافي (Louay Safi) .
• السيد/ راو جوتمان (Roy Gutman )
• السيد/ محمد يوسيتش (Mohamed
Jusic)
بدأت الجلسة بعرض لتقرير بثَّته قناة الجزيرة البلقان
للأوضاع السورية والمعاناة التي يعيشها الشعب السوري سواء داخل سوريا أو في المخيمات
داخل الأراضي السورية وعلي الحدود.
ثم توالت بعد ذلك مداخلات المتحدثين فكانت علي النحو
التالي:
بدأ المتحدث الأول، وهو الدكتور/ حارث سيلاديتش،
حديثه بطرح عدَّة تساؤلات حول الواقع السوري من حيث المعاناة والواقع الذي يعيشه اللاجئون
سواء في الداخل أو الخارج, مع طرح لما يمكن تصحيحه استنادًا إلى التجربة البوسنية مع
التأكيد علي الدعوة إلى المصداقية في أي تدخل قد تشهده الأزمة. إضافة إلى ارتباط الأزمة
السورية بالواقع في منطقة الشرق الأوسط.
كما قارن ما يجري
في الأزمة السورية الحالية بما جرى في البوسنة؛ حيث وصف ذلك بالتجربة المُرَّة ولكنَّها
كانت ضرورية للخروج من الحرب وتحقيق السلام.
وفي سوريا يجب التذكير بضرورة البُعد عن التجرية
البوسنية علي الرغم من وجود تشابه بين الأزمتين, لكن الظروف التاريخية مختلفة تمامًا.
وفي نهاية حديثه تطرَّق إلى عامل الوقت في الأزمة
السورية وآثاره السلبية التي سوف تنعكس على المهاجرين وخاصة في الأجيال اللاحقة التي
سوف تنمو وتترعرع في بيئات مختلفة عن بيئاتها الأصلية.
أمَّا المتحدث الثاني فكان الصحفي/ راو جوتمان؛
حيث عرض مجموعة من الصور تم التقاطها من مخيمات اللاجئين السوريين داخل الأراضي السورية
والمناطق الحدودية, ووصف الحالة بأنها حالة يُرثى لها فعدد اللاجئين في ازدياد مستمر
وأعداد المهاجرين إلى دول الجوار في تصاعُد لدرجة أنك تجد أكثر من خمسة وعشرين لاجئًا
يعيشون داخل الخيمة الواحدة في ظروف مناخية قاسية.
وبوصفه صحفيًّا عاش الأزمتين: البوسنية والسورية،
من خلال إنتاج العديد من التقارير حول الأزمتين إلا أنَّه قارن بين دور المنظمة الأممية
في الأزمتين وتخلِّيها عن دورها في الأزمة السورية لدرجة أنها لا تقدِّم أية بيانات
عن عدد المخيمات وعن عدد اللاجئين داخل التراب السوري وإن تم تقديم تلك البيانات فإنها
بعيدة عن الدقة والمصداقية.
ثم تطرق إلى الأعداد الهائلة التي تعيش تحت الحصار
وذلك من حيث الأعداد وعدم توفر بيانات دقيقة عن تلك الأعداد وصعوبة الدخول والخروج
في ظل أوضاع صحية صعبة, وقارَنَ بين ما نشرته جمعية الأطباء السورية الأميركية من أن
عدد أولئك المحاصَرين بلغ أكثر من 630 ألفًا في حين أن الأمم المتحدة تقدِّر عددهم
بحوالي 212 ألفًا فقط، ويظهر من الرقمين الفرق الشاسع بين البيانات المنشورة الذي يعكس
درجة المصداقية والشفافية.
وإذا كان عدد سكان سوريا أربعة أضعاف سكان البوسنة
فإن معاناتهم تجاوزت عشرة أضعاف معاناة الشعب البوسني في ظل ظروف سياسية قاسية تشهد
تخلي المجتمع الدولي ومعارضة منقسمة تعيش في المنفي.
ويختم حديثه فيصف تجربته الصحفية في سوريا بأنها
تجربة فاشلة بعكس تجربته في البوسنة لدرجة أنه لا يمكن أن يكرر التجربة مرة أخرى في
ظل الظروف الراهنة.
أمَّا المتحدث الثالث السيد/ لؤي صافي فبدأ مداخلته
بالتطرق إلى القواسم المشتركة بين الأزمة البوسنية والأزمة السورية, فهناك الأغلبية
المسلمة في كلا البلدين, وهناك التنوع الإثني والثقافي، كما أن البلدين كليهما قد عرفا
تجربة حرب مريرة إضافة إلى اللامبالات التي عاناها كلا البلدين من تخاذل المجتمع الدولي.
ومضي في حديثه فضرب أمثلة من الواقع في البلدين
ففي سراييفو هناك المعبد اليهودي الذي شُيِّد عام (1581) أيام الدولة العثمانية وبجواره
الكنيسة الكاثوليكية وبجوارهما المسجد الجامع, وفي المقابل فإن الصورة توجد مثيلتها
في دمشق تمامًا إضافة إلى التسامح والتنوع السائد بين فئات الشعب وبين الأقليات.
وبدلًا من استغلال تلك الظروف في الأزمة السورية
فإن الواقع علي العكس من ذلك تمامًا؛ فالقوي العالمية تعاملت مع تلك الظروف والأوضاع
بشعار حماية الأقليات مما نتج عنه دعم النظام الاستبدادي في الأزمة السورية بحُجَّة
حماية الأقليات.
ويقارن المتحدث بما حدث في البوسنة من أن الغرب
تدخل عند الساعة الأخيرة بعد أن جرت كل المجازر حيث فرض حلًّا لا يخدم الأزمة البوسنية
بل يعقِّدها ويؤدي إلى الانقسامات مع عدم تمنِّيه أن يتكرر نفس السيناريو في الأزمة
السورية.
ويختم حديثه بأمور تتعلق بالجيوديسيا السياسية في
المنطقة وعلاقتها بالأزمة السورية ودور أميركا في المنطقة بعد تدخلها في كلٍّ من أفغانستان
والعراق وصولًا إلى ما يجري في دول المحيط سواء في مصر أو اليمن................ إلخ.
أمَّا المتحدث الرابع والأخير/ محمد يوسيتش ؛ فناقش
موضوع الأزمتين والمقارنة بينهما من خلال طرح عدة تساؤلات بناء علي التجارب التي حدثت
في كلا البلدين.
فالوضع في سوريا سوف يتغير في المستقبل مثل ما تغيَّر
في البوسنة وإن كان هناك بعض الفروقات ففي البوسنة كانت المقاومة داخلية وخارجية فهناك
ديكتاتور مدعوم من الخارج وهناك هجوم من بلدين.
أمَّا الوضع في الأزمة السورية فإن المجتمع الدولي
لم يقم بالدور المنوط به إضافة إلى دور المعارضة الضعيف وانقساماتها في ظل مستقبل يُطرح
فيه سؤال ويتكرر دائمًا، وهو الخشية من حدوث انقسام يحدث في المستقبل للدولة السورية
يكون مرتبطًا ومؤسسًا على الطائفية.
ثم ختم المتدخل حديثه بالتركيز على التنوع الثقافي
داخل المجتمع السوري وكونه ضرورة للتماسك علي مرِّ الزمن والعصور مما يعزِّز ويقوي
من الوحدة الوطنية لمواجهة أية دعوة للتقسيم والانفصال، واعتبر أن الخسارة الأكبر للشعب
السوري هي خسارة التنوع والتسامح والتعايش بين جميع الطوائف.
